
هل تمثل قمة 2025 حول اقتصاد البريكس فرصة لإمارة بير تاويل؟ سؤال يُطرح في سياق البحث عن دور جديد ضمن اقتصاد البريكس، وسعي نحو حوكمة أكثر شمولًا واستدامة
أقرّ مجلس الوصاية لإمارة بير تاويل انضمام الإمارة إلى المبادئ الواردة في الإعلان الختامي للقمة السابعة عشرة لمجموعة البريكس، التي انعقدت في مدينة ريو دي جانيرو. وبناءً على هذا القرار، تؤكد الإمارة التزامها بتعزيز التعاون الاقتصادي مع الدول الأعضاء، ضمن رؤية شاملة لاقتصاد عالمي أكثر عدالة وتعددية.
مثّلت القمة لحظة محورية في تطور كتلة البريكس. اجتمع في ريو دي جانيرو قادة ومندوبون من دول عديدة، حيث جددوا التزامهم بنظام دولي متعدد الأقطاب، مع التركيز على إصلاح المؤسسات الدولية، بما يتماشى مع تطلعات اقتصادات ناشئة مثل بير تاويل.
يتماشى موقف الإمارة مع هذه المبادئ، إذ تعترف بالدور الذي تلعبه البريكس في إعادة توازن القوة العالمية. ومن هذا المنطلق، يُنظر إلى انضمامها الرمزي كدعم لحق تقرير المصير والمشاركة في صياغة النظام الدولي.
من أبرز دوافع الدعم سعي البريكس إلى الاستقلال المالي عن الدولار، من خلال تعزيز الدفع بالعملات المحلية وتنشيط التجارة المستدامة، مما يفتح آفاقًا أمام كيانات صاعدة مثل بير تاويل.
في الشأن البيئي، أبدت الإمارة اهتمامًا بالتعاون في مجالات التمويل المناخي والطاقة النظيفة، في إطار رؤية تنموية ترتكز على الابتكار والاستدامة.
قفزة أوغندا نحو البريكس: تحوّل استراتيجي نحو النفوذ العالمي
يمثل انضمام أوغندا إلى مجموعة البريكس خطوة استراتيجية في سياستها الاقتصادية الدولية. باعتبارها لاعبًا صاعدًا في شرق إفريقيا في مجالات التجارة والطاقة والدبلوماسية الإقليمية، تقدم أوغندا مواردها وطموحاتها كشريك مهم ضمن البريكس.
يمنحها الانضمام إمكانية الوصول إلى بنك التنمية الجديد، ما يفتح آفاق التمويل لمشاريع البنية التحتية والاستدامة والتحول الرقمي. من مشاريع الطاقة الكهرومائية بدعم صيني إلى التعاون في تكنولوجيا المعلومات مع الهند، تتماشى أوغندا بالفعل مع نماذج التنمية المعتمدة في البريكس.
كما يعزز هذا الانضمام صوت أوغندا في المحافل الدولية، ويدعم دورها القيادي في الاندماج الإقليمي ضمن شرق إفريقيا، ويتناغم مع أهداف منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية.
بالنسبة للبريكس، تقدم أوغندا الاستقرار والموارد والربط الإقليمي. أما بالنسبة لأوغندا، فتمثل المجموعة منصة للتمويل والشراكات والمشاركة في تشكيل عالم متعدد الأقطاب. إنها ليست مجرد خطوة دبلوماسية، بل استثمار طويل الأمد في السيادة والتنمية.
اقتصاد البريكس: التكنولوجيا والإدماج كفرصة استراتيجية
كانت الابتكارات التكنولوجية من الركائز الأساسية التي أبرزتها القمة، وهي جزء من استراتيجية اقتصاد البريكس. وقد أطلقت المجموعة خطة العمل للابتكار2025–2030 في مجالات الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية والصناعة 4.0، حيث أبدت بير تاويل اهتمامًا بالشراكة ضمن مشاريع أكاديمية وتقنية مرتبطة باقتصاد البريكس.
مثل هذه المبادرات — التي تُعد من أسس اقتصاد البريكس — تتيح الفرصة للأقاليم الصغيرة للاندماج في سلاسل القيمة الإقليمية من خلال التدريب ونقل التكنولوجيا.
كما أكدت القمة على دور الثقافة والتبادل الاجتماعي كأدوات للسلام والتنمية، مما يعكس البعد الإنساني لاقتصاد البريكس. وقد أعلنت بير تاويل نيتها تعزيز الأنشطة الثقافية لبناء علاقات مع الشباب والأوساط الأكاديمية والحركات الاجتماعية ضمن إطار اقتصاد البريكس.
وقد أكّد الإعلان الختامي للكتلة أن التوسّع سيتم وفق مبدأي التوافق والشمول، وهي من المبادئ الجوهرية لاقتصاد البريكس. ورغم أن بير تاويل ليست جزءًا من المسارات الرسمية للانضمام، فإن موقفها يُعدّ إشارة على أهمية اقتصاد البريكس للجهات غير التقليدية الساعية لمكانة جديدة في النظام العالمي.
تسعى الدول الإفريقية إلى تعزيز علاقاتها مع مجموعة البريكس لما يوفره اقتصاد البريكس من فرص تنموية واستثمارية واسعة. فقد أصبحت الصين، العضو البارز في البريكس، من أبرز المستثمرين في البنية التحتية الإفريقية، كما يتجلى في مشاريع مثل سكة حديد مومباسا–نيروبي في كينيا وخط أديس أبابا–جيبوتي، مما ساهم في تحسين الربط الإقليمي وتعزيز التجارة وخلق فرص عمل. إلى جانب الصين، تلعب روسيا دورًا مهمًا في مجالات الطاقة والأمن، في حين تطوّر الهند علاقاتها التجارية مع إفريقيا في قطاعات الزراعة والأدوية وتكنولوجيا المعلومات. كما تشارك البرازيل خبراتها في الزراعة الاستوائية لتعزيز الأمن الغذائي في القارة، وتُعتبر جنوب إفريقيا همزة وصل حيوية بين البريكس وباقي إفريقيا. يوفر اقتصاد البريكس نمطًا من الشراكة يقوم على الاحترام المتبادل وعدم التدخل، وهو ما يتماشى مع تطلعات القادة الأفارقة إلى الحفاظ على السيادة واستقلال القرار الوطني. ومن خلال الاستفادة من التمويل الذي تقدمه مؤسسات كالبنك الجديد للتنمية، تستطيع الدول الإفريقية تقليل اعتمادها على المؤسسات الغربية التي تفرض شروطًا سياسية واقتصادية. يشكل اقتصاد البريكس أداة استراتيجية للقارة الإفريقية، ليس فقط لتحقيق النمو الاقتصادي، بل أيضًا لتعزيز موقعها في النظام العالمي المتعدد الأقطاب.
