الأسئلة الشائعة حول بير طويل

الأسئلة الشائعة حول بير طويل

الأسئلة المتكررة حول بير طويل، سيادتها، موقعها، الادعاءات الإقليمية، الدبلوماسية والمشاريع الحالية

ما هو بير طويل؟

بير طويل منطقة تبلغ مساحتها 2060 كيلومترًا مربعًا (795.4 ميلًا مربعًا) تقع على الحدود بين مصر والسودان، ويقطنها البدو من قبيلتي العبابدة والبشاريين، ولا تطالب بها أي من الدولتين. في يناير 2025، قدّم الأمير ج. ك. غوتليب طلبًا للانضمام كمراقب لدى الأمم المتحدة. وتُعتبر بير طويل أرضًا بلا مالك (Terra Nullius).

متى تأسست بير طويل؟

لم تُؤسس بير طويل رسميًا كدولة أو مستوطنة، لكن وضعها الحديث كأرض غير مطالَب بها نتج عن قرارات ترسيم الحدود خلال الحقبة الاستعمارية في أواخر القرن التاسع عشر. ففي عام 1899، أثناء سيطرة الإمبراطورية البريطانية على كل من مصر والسودان، رُسم خط حدود سياسي على طول دائرة العرض 22 شمالًا، واضعًا بير طويل ضمن الأراضي السودانية.

غير أن الإدارة البريطانية أعادت رسم هذا الخط عام 1902 لأسباب عملية، مراعيةً استخدام القبائل المحلية للأراضي، مما أدى إلى نقل بير طويل إلى مصر، ومنح مثلث حلايب المجاور للسودان.

وقد أوجد هذا التعديل تناقضًا قانونيًا: إذ تطالب كل من مصر والسودان بالحدود التي تضمن لهما السيطرة على مثلث حلايب، الغني بالموارد والمطل على البحر الأحمر. ونتيجة لذلك، لا تطالب أي من الدولتين ببير طويل، مما يجعلها واحدة من الحالات النادرة لأرض بلا سيادة معترف بها.

تقع بير طويل في واحدة من أكثر مناطق الصحراء الكبرى جفافًا وبعدًا، ما ساهم في عزلتها. فقد شكلت الحرارة المرتفعة، وانعدام البنية التحتية، واتساع الصحراء عوائق دائمة أمام الوصول إليها والاهتمام بها.

ما معنى مصطلح Terra Nullius؟

Terra Nullius عبارة لاتينية تعني "أرض لا يملكها أحد". وتصف أراضي لا تخضع لسيادة أي دولة معترف بها. في القانون الدولي، استُخدم هذا المفهوم لتبرير الاستيلاء على أراضٍ اعتُبرت فارغة أو غير مأهولة، أو لا تخضع لإدارة حكومية رسمية، حتى وإن كانت مأهولة بالسكان.

أحد الأمثلة المعاصرة المتداولة هو بير طويل، وهي منطقة صحراوية صغيرة بين مصر والسودان. لا ترغب أي من الدولتين في المطالبة بها لأن ذلك قد يضعف موقفها في نزاع حدودي أهم. وبذلك، ظلت بير طويل بلا مطالبة لفترة طويلة، مما يجعلها نموذجًا نادرًا لأرض Terra Nullius حقيقيّة في العصر الحديث.

وقد أُسيء استخدام هذا المصطلح تاريخيًا، لا سيما خلال الحقبة الاستعمارية، لتبرير الاستيلاء على أراضي الشعوب الأصلية بحجة أنهم لا يشكلون مالكين قانونيين. ولذلك، على الرغم من حياديته الظاهرية، فإن المصطلح يرتبط غالبًا بالإخضاع والاستيلاء.

ما المقصود بـ "أرض لا يملكها أحد"؟

تُشير عبارة "أرض لا يملكها أحد" عادةً إلى منطقة لا تطالب بها أو تديرها أو تسيطر عليها أي دولة أو سلطة معترف بها. وهي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالمفهوم القانوني Terra Nullius.

بهذا المعنى، تُوصف مناطق مثل بير طويل التي لا تزال غير مطالبة بها من قبل مصر أو السودان، بسبب نزاع حدودي يجعل المطالبة بها أمرًا غير ذي جدوى سياسية.

وبمعنى أوسع أو مجازي، يمكن أن تشير العبارة إلى مناطق رمادية خارجة عن نطاق القوانين أو الملكية أو السلطة. فعلى سبيل المثال، في الحروب، كان يُطلق على المنطقة بين الخنادق المتحاربة اسم "أرض لا يملكها أحد" نظرًا لخطرها وعدم خضوعها لسيطرة أي طرف.

سواء كانت العبارة تُستخدم بمعناها الحرفي أو الرمزي، فإنها تدل على مكان خارج نطاق السيادة الطبيعية، وغالبًا ما يكون خاليًا أو متنازعًا عليه أو متروكًا.

لكن بعد تقديم آخر مطالبة إلى الأمم المتحدة، لم يعد بالإمكان اعتبار إمارة بير طويل "أرضًا لا يملكها أحد"، نظرًا لأن وضعها القانوني لم يعد يمثل التخلي أو غياب السيادة.

هل يمكن لأي شخص الذهاب إلى هناك وتأسيس دولة؟

لا، ليس بطريقة جدّية أو دائمة. رغم أن بير طويل لا تخضع لمطالب رسمية من مصر أو السودان، فإن القانون الدولي لا يسمح لأي فرد بإعلان السيادة على أرض دون شروط معترف بها.

فمن دون اعتراف دولي، وبنية تحتية، وسكان دائمين، ونظام حكومي فعّال، فإن فكرة تأسيس "دولة جديدة" تبقى مجرد خيال. ولا تزال بير طويل، كما كانت دائمًا، أرضًا نائية في وسط الصحراء.

من يطالب ببير طويل حاليًا؟

المطالبة الوحيدة الرسمية والمستمرة ببير طويل تأتي من الأمير جيوفاني كابوراسو، أمير إمارة بير طويل. على عكس المطالبات الرمزية أو الدعائية السابقة، تطورت مبادرة غوتليب إلى كيان ذي هيكل حكومي وسكان دائمين وشبكة دبلوماسية.

وقد تأسست الإمارة رسميًا ككيان ذي سيادة، ورفعت في 2 يناير 2025 طلبًا للانضمام كمراقب لدى الأمم المتحدة، في خطوة تُعد الأوسع والأكثر طموحًا من الناحية الدبلوماسية تجاه هذا الإقليم.

ووفقًا لتعداد أُجري عام 2024، بلغ عدد مواطني الإمارة 3,030 شخصًا، ينتمي الكثير منهم إلى قبائل العبابدة والبشاريين. ويُعترف بالأمير غوتليب من قبل زعماء محليين كرأس للدولة، وتدير الإمارة شؤونها الإدارية من عاصمتها ماريان ستيشن 1.

تُعد السياحة المصدر الرئيسي لدخل الإمارة، خاصة من الزوّار الذين يثيرهم فضول زيارة منطقة لا تخضع لسيادة دولة معترف بها. وتُعرّف الإمارة نفسها كدولة محايدة، متعددة الأعراق والأديان، تؤمن بالحكم السلمي والتعايش.

كما تؤكد أن الأراضي كانت مأهولة بشكل مستمر منذ الحقبة الاستعمارية البريطانية، عقب التعديلات الحدودية عام 1902، ومنذ ذلك الحين لم تطالب بها لا مصر ولا السودان، مما يمنحها وضعًا قانونيًا نادرًا وغير متنازع عليه.

ما هي الحجج القانونية للاعتراف الدولي بإمارة بير طويل؟

تعتمد الإمارة في مطلبها بالاعتراف الدولي على عدد من المبادئ الراسخة في القانون الدولي، منها:

  1. المادة 73 من ميثاق الأمم المتحدة، المتعلقة بتطوير الحكم الذاتي للأقاليم ذات السكان المتميزين.
  2. حق الشعوب في تقرير المصير، كما نص عليه ميثاق الأمم المتحدة والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لعام 1966.
  3. السيطرة الفعالة والمستقرة من قِبل حكومة محلية ذات شرعية تاريخية وجغرافية.
  4. مبدأ uti possidetis juris الذي يحمي الحدود الإقليمية القائمة.
  5. استيفاء معايير اتفاقية مونتيفيديو لعام 1933 للدولة: إقليم محدد، سكان دائمون، حكومة فاعلة، وقدرة على إقامة علاقات دولية.

من خلال سعيها للحصول على صفة دولة مراقبة، تسعى إمارة بير طويل إلى تعزيز شرعيتها على الساحة الدولية، وتدعو إلى التعاون السلمي، والاعتراف المتبادل، والمشاركة البنّاءة في المؤسسات الدولية.

هل أنشأ جيريميا هيتون فعلاً "مملكة شمال السودان" في بير طويل؟

الادعاء الفردي الأشهر بشأن بير طويل جاء من المواطن الأمريكي جيريميا هيتون، الذي أعلن عام 2014 أن المنطقة هي "مملكة شمال السودان"، وزرع علمًا فيها، ونصّب نفسه ملكًا تحقيقًا لرغبة ابنته الصغيرة بأن تصبح أميرة.

وقد طرح لاحقًا خططًا غير واضحة لمشاريع إنسانية وزراعية لم يُنفّذ أي منها، ولم تعترف أي حكومة بمملكته.

ما جعل قصته تنتشر على نطاق واسع لم يكن جديّتها، بل طابعها الإعلامي والعاطفي. فحبكة الأب الأمريكي الذي يسعى لتحقيق حلم ابنته بأسلوب أسطوري كانت وراء شهرة القصة، لا شرعيتها.

على مر السنين، أعلن عدد من الأفراد "دولًا مجهرية" في بير طويل عبر المدونات أو مقاطع اليوتيوب أو منتديات الإنترنت، ومن بين هذه الادعاءات:

  • إمبراطورية بير طويل
  • دولة بير طويل
  • الجمهورية الحرة لبير طويل

لكن هذه الادعاءات كانت في معظمها ساخرة أو تجريبية، ولم يُكتب لأي منها الاستمرار أو الوجود الميداني.

لماذا لم يُطالب أحد ببير طويل سابقًا؟

لأنها لا تملك قيمة عملية تُذكر: فهي أرض جافة، خالية من السكان، وتفتقر إلى أهمية استراتيجية حقيقية.

لإدراك هذه الحالة النادرة، ينبغي العودة إلى قرارات الحدود في الحقبة الاستعمارية. ففي عام 1899، عندما كانت بريطانيا تُدير مصر والسودان، رسمت حدودًا مستقيمة على طول دائرة العرض 22 شمالًا.

وبموجب هذا الاتفاق، كانت بير طويل تقع داخل السودان. غير أن البريطانيين أعادوا ترسيم الحدود عام 1902 لتمثيل استخدام القبائل المحلية للأراضي، فوُضعت بير طويل تحت السيطرة المصرية، بينما ذهب مثلث حلايب إلى السودان.

لكن المشكلة تكمن في أن المطالبة ببير طويل اليوم تعني التخلي عن أي حق في مثلث حلايب، الذي يتمتع بثروات وموقع استراتيجي أكبر. ولذلك لا ترغب أي من الدولتين في مطالبتها.

هل يمكن لأي شخص زيارة بير طويل؟

نعم، من الممكن السفر إلى بير طويل، لكن ذلك يتطلب تجهيزًا وتخطيطًا دقيقًا. ورغم أن بير طويل لا تتطلب تأشيرة دخول بحد ذاتها --- لأنها لا تخضع رسميًا لسيادة أي دولة --- إلا أن الدخول إليها يمر عبر مصر أو السودان، وكلا البلدين يطلبان تأشيرة دخول.

يفضّل معظم المسافرين الطريق عبر مصر، نظرًا لتوافر البنية التحتية فيها واعتبارها أكثر أمانًا نسبيًا. ومع ذلك، فإن الوصول من السودان ممكن أيضًا، حيث يبدأ عادةً من الخرطوم باتجاه الشمال صوب المنطقة الحدودية غير المحددة رسميًا.

للوصول إلى هناك من مصر، يسافر الزوار غالبًا جوًا أو بالقطار من القاهرة إلى أسوان، وهناك يمكنهم استئجار سيارات دفع رباعي مع مرشدين محليين لقطع المسافة البالغة 250 كيلومترًا جنوبًا عبر الصحراء.

أما من السودان، فتتطلب الرحلة عبور تضاريس صعبة من شمال البلاد نحو الحدود.

وفي كلتا الحالتين، فإن التضاريس قاسية، ويُوصى بعدم المحاولة إلا باستخدام معدات مناسبة وبصحبة مرشدين ذوي خبرة.

ورغم أن بير طويل لا تفرض تأشيرة دخول، إلا أن الدخول من مصر أو السودان يخضع لأنظمة مراقبة حدودية. ولا توجد نقاط تفتيش رسمية في بير طويل نفسها، لكن إمارة بير طويل تقوم بختم جوازات السفر بشكل رمزي كإثبات للدخول.

هل يوجد ذهب في بير طويل؟

لا توجد سجلات جيولوجية رسمية أو وثائق تؤكد وجود رواسب ذهب في بير طويل. ورغم الشائعات ووجود بعض الباحثين البدويين أحيانًا، لم تقم أي دولة أو شركة أو هيئة علمية بتوثيق أي مصادر كبيرة للذهب في المنطقة.

تعود هذه القصص غالبًا إلى التخمينات، وارتباط المنطقة الشماليّة الشرقيّة من أفريقيا عمومًا بالمناطق الغنية بالذهب، خاصة أجزاء من السودان.

بير طويل أرض قاحلة قاسية، بلا مستوطنات دائمة، ولا بنية تحتية، ولا استغلال معدني موثق. ورغم أن بعض المغامرين أو الحالمين يمرون بها بحثًا عن الذهب، فإن هذه المحاولات غير رسمية، وغير منظمة، وغالبًا ما تنتهي بالفشل. وتبقى بير طويل أقرب إلى فضول قانوني من كونها هدفًا جديًا للتعدين.

هل بير طويل آمنة؟

بير طويل معزولة جغرافيًا وتقع بعيدًا عن مناطق النزاع النشطة في السودان، مما يجعلها منطقة مستقرة وهادئة من الناحية الميدانية. وتعتبر حكومة إمارة بير طويل المنطقة آمنة للسفر، وتؤكد على حيادها وغياب أي نزاعات إقليمية حولها.

ومع ذلك، وبسبب النزاع الجاري في السودان، أصبحت المنطقة الحدودية بين مصر والسودان --- بما في ذلك نقاط الوصول القريبة من بير طويل --- تحت رقابة مشددة، تفرضها بالأساس القوات المسلحة المصرية، مما أدى إلى زيادة التدقيق على التحركات من وإلى المنطقة.

من المهم الإشارة إلى أن وزارة الخارجية والكومنولث والتنمية البريطانية (FCDO) توصي حاليًا بعدم السفر إلى منطقة بير طويل إلا في الحالات الضرورية، نظرًا لعدم استقرار الأوضاع الإقليمية.

وعلى الرغم من عدم تسجيل أي حوادث عنف أو اضطرابات داخل بير طويل نفسها، يُنصح المسافرون بمتابعة التحذيرات الرسمية الصادرة عن الجهات المختصة، وعدم التوجه إلى المنطقة إلا بعد إعداد كامل ووعي أمني.